شعرت بالنفس تنفتح كالبحر يعانق الرمل , ورقّ جسدي حتى خلت النسيم يتحول الى دمي ...
وراح دمي يركض في العروق مثل حصان يسابق الريح وتسارعات دقات قلبي فضاق صدري وارتج كأنه زقاق ضيق يهزه ضرب طبل ولفظني جسدي الى عالمهم
وجهان لوجه نغادر المكان شعرت بنوع من الحزن ... لا كالحزن ... كأنه حبة «حبة سيدرجين» تتناطح فقاقيعها الصغيرة ويتعالى نشيشها في القلب ولا وجع . صورتان في صورة تتظخم الاولى وتتسع دائرتها الى ان تصطدم بالاطار فتعود الى ذاتها هزيلة باهتة ، وترقّ الثانية وتدقّ إلى ان تتجاوز حدود الإطار والمكان والزمان ...
شعور غريب يقطع حبل التفكير
ويدفعنا الى مغامرة الموت .
رأيت سائحا يضحك ، وفي جريدة صباحية كان احد زعماء الغرب يضحك وفي الشاشة الصغيرة كان رئيس دولة عظمى يضحك ويضْحٍك ٓمن عنده . وتساءلت يوما :لماذا لا أبحث في الضحك وتعبيراته السياسية ؟ وفاتني أن هذا الموضوع دراسة وبحث أكاديمي في جامعات الغرب ، وعاد اليّ صمتي فاحترت وحيرني الانتظار ...
وأدمت النظر في الوجوه ...
ذلك طفل يذرف الدمع
وعاد الاب ذات ليلة إلى المنزل بعد ساعات العمل المضني فوجد ابنه يبكي ... صفعه لكي يصمت وامر زوجته أن تأخذه معها خارج الحجرة وتسكته ، فرفضت ذلك احتجاجا للصفعة ... وشعر الأب بصداع رهيب فدفع بزوجته والطفل خارج البيت ، وأشعل سيجارة .وتعالى بكاؤهما حادا عنيفا ... وفي الشارع
كان العربي يبكي قهرا .
وسئل الضاحك يوما :هل فقدت الضحك ؟
فقال :انتهى زمن البكاء بالضحك . وماتت الانفس ، وما عاد ينفع الرمز .
قيل:والقلوب؟
قال: انها تلفظ ٱخر أنفاسها .
موتان في موت .
يعيش الانسان ليموت ... وتنتزع منه الحياة فيسجن في قفص ، وخارج القفص اقفاص ، ويجلس السادة في فضاء ممتد ، ويصفق كبيرهم وينادي بصوته الأجش طفلا نحيلا يلبس منديلا أحمر
تعالى وناولنا شرابك الفلسطيني
وكان شرابه خليطا من الدم والدمع ، ويتضاحك السادة زهوا ويتعانقون نشوة , ويتقيأون ... وعلى جباههم فضائح غزة وصبرا وشاتيلا وكفر قاسم ...
تركتهم يذبحون أطفالهم ويتوسدون أفخاذ نسائهم ،
وتجولت في مدن العالم أبحث عن وجهي الضائع في زحمة الوجوه فلم اجده ... وتملكني الرعب لما نظرت في احدى المرايا ... النصف كثيب رمل تعلوه ظلال باهتة ورؤوس تنزف دما ونسور تتطاير
والنصف الثاني بركة ضوء تسبح فيها عيون ٱدمية ... وإختلط النصف الأول بالثاني وتناطحت الاشكال ثم ذابت ، وتبخرت الالوان ... ونظرت في المرٱة علّني أرى وجهي الضائع من جديد ... فعاد إليّ عدمي ،وفقدت هويتي المرة الالف . وتراءت لي في اتجاه الافق دائرة بيضاء ناصعة فطرت إليها أبحث عن ضالتي ، واقتربت منها مسافة ميلين ، فكانت مدينة ضوئية تنام على ضفاف شفقية ...
وحاولت النزول الا أن نور الشمس وهي تفتح صدرها للعالم بهرني حتى كدت أفقد البصر ، وأصابني الإغماء فسقطت ...
مرت لحظات ولربما ايام ، وأنا أحاول الاستفاقة ، واخيرا فتحت عيني فاذا بي أعود للموضوع وزنزانته
محمد طه العمامي