؛
شذرات لغوية
السعيد عبد العاطي مبارك -الفايد "مصر "
===========
(((( إعراب و معنى آية )))
قال تعالي :
" فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ " سورة الرحمن : الآية ١٣
٠٠٠
في البداية لو تأملنا هذه الآية الكريمة من سورة الرحمن لوجدناها قد ذكرت في نفس السورة " ٣١ "إحدي و ثلاثين مرة ٠
و معنى ( الآلاء ) : النعم ٠
و من ثم نجد الله عز وجل يخاطب الثقلين الإنس والجن فيقيم عليهما الحجة بهذه السورة الكريمة العظيمة حيث بدأها بأسم من الأسماء الحسنة و الصفات العلى ( الرحمن )حيث أنه رحيم و رحيم الدنيا و الآخرة ٠
و لا يوجد مخلوق يتسمى بلفظ ( الله أو الرحمن ) إلا هو عز وجل ٠٠
و لذا نطوف معا عزيزي حول الإعراب و المعنى لفهم و تدبر و تأمل مقاصد السور في كتاب الله العزيز هكذا ٠٠٠
*اولا الإعراب:
-----------------
قال تعالي :
"فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ" ٠
فبأي :
الفاء واقعة في جواب شرط مقدر حرف مبني على الفتح لامحل له من الإعراب٠
بأي :
الباء حرف جر مبني على الكسر لامحل له من الإعراب
أي :
اسم مجرور وعلامة جره الكسرة الظاهرة وهو مضاف
آلاء :
مضاف إليه مجرور وعلامة جره الكسرة الظاهرة وهو مضاف٠
ربكما :
مضاف إليه مجرور وعلامة جره الكسرة الظاهرة وهو مضاف والكاف ضمير متصل مبني على الضم في محل جر مضاف إليه والميم حرف دال على المثنى
والجار والمجرور متعلق بالفعل تكذبان ٠
تكذبان :
فعل مضارع مرفوع وعلامة رفعه ثبوت النون وألف الاثنين ضمير متصل مبني على السكون في محل رفع فاعل ٠
وجملة بأي آلاء ربكما تكذبان في محل جزم جواب شرط مقدر لا محل لها ٠
* ثانيا المعنى :
------------------
( فبأي آلاء ربكما تكذبان ) ٠
معناه: " فبأي نعم ربكما " الآلاء النعم، ربكما ، أي رب الإنس والجن وهما الثقلان ٠
بأي آلائه معناه نعمه، تكذبان نعمه لا يمكن أن يكذب بشيء منها ٠
مصداقا لقوله :
"وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها" ٠
ومعناه أن الله عز وجل يمتن على عباده بما يسر لهم من هذه النعم الجليلة ٠
و قد جاء في الحديث النبوي الشريف عن نافع، عن ابن عمر، قال:
إن رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم قرأ سورة الرحمن، أو قُرئت عنده، فقال " ما لِيَ أسْمَعُ الجنّ أحْسَنَ جَوَابا لِرَبِّها مِنْكُمْ ؟ " قالوا: ماذا يا رسول الله ؟ قال: " ما أتَيْتُ على قَوْلِ اللهِ: (فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ) ؟ إلا قالت الجنّ: لا بِشَيْءٍ مِنْ نِعْمَةِ رَبِّنا نُكَذّبُ " ، لك الحمد ٠
أما عن سبب تكرار هذه الآية في سورة الرحمن ٣١ مرة ، يرجع الي أن :
"فبأيّ آلاء ربّكما تكذّبان" فالسبب والحكمة من ذلك، وقد كذّب الكفّار الرسول -صلّى الله عليه وسلم- بسبب هذه الآية، وقالوا بأنّ هذا القرآن من عنده بسبب هذا التكرار وأنّه لا داعي له، إلّا أنّ المتأمّل في الآيات يجد فيها من الإعجاز الكثير.
فالله سبحانه وتعالى كرّر هذه الآية إقراراً بنعمه وتأكيداً عليها لتذكير النّاس بها، فمن عادة العرب تكرار الكلام لتأكيده، وقد كرّرت الآيات لتأكيد نعم الله على الإنس والجن، فالاستفهام في هذه الآية أسلوبٌ للإقرار وعدم الإنكار، وهذا شائعٌ في لغة العرب وكلامهم، وهذه الآيات دليلاً على أنّ الله سبحانه وتعالى الّذي خلق السبع سماوات بما فيها، هو نفسه الّذى أنزل هذا القرآن الكريم المحكم.
* و الخلاصة :
---------------
فالحديث عن نعم الله سبحانه وتعالى في هذا الكون، والحديث عن عجائب خلقه وصنعه، ودعوة النّاس للتدبّر في هذا الكون وما فيه، ودعوتهم لعبادة الله العظيم، وهي شهادة للخلق كلّهم الإنس، والجن، بأنّهم لا يمكنهم إنكار نعم الله عليهم أو تكذيبها.
و بعد هذا العرض الموجز لهذه الآية الكريمة في ضوء الإعراب و المعنى العام نتمني نكون قد أفلحنا في الوصول الي المقاصد النبيلة من وراء تلك الذرات كي تعم الفائدة المرجوة من وراء هذا الطرح في جمال و يسر لغوي دائما ٠
مع الوعد بلقاء متجدد أن شاء الله ٠